الأنظار تتجه إلى البيانات الأميركية اليوم
من المتوقّع أن تفتتح البورصات الأوروبية على انخفاض، متأثرةً بالتراجع في الأسواق الآسيوية والأميركية، وذلك في ظل تصاعد المخاوف بشأن التضخم التي دفعت المستثمرين إلى بيع السندات الأميركية. فقد سجّل المؤشر الشامل لأسهم آسيا التابع لشركة MSCI أكبر انخفاض يومي له منذ أكثر من أسبوعين، ما أدى إلى محو المكاسب التي حققها يوم الثلاثاء. وفي الصين، تراجع المؤشر الرئيسي لفترة وجيزة إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر، وسط استمرار القلق حيال احتمال رفع الرسوم الجمركية الأميركية. وفي غضون ذلك، انخفض مؤشر S&P 500 بأكثر من 1% يوم الثلاثاء بعد أن كشفت البيانات عن وصول معدلات التضخم في قطاع الخدمات بالولايات المتحدة إلى أعلى مستوى لها منذ أوائل العام 2023.
تراجع حاد في طلبات المصانع الألمانية
شهدت طلبات المصانع في ألمانيا أكبر انخفاض شهري لها في ثلاثة أشهر، ما يسلّط الضوء على المصاعب التي تواجه القطاع الصناعي قبل أسابيع قليلة من الانتخابات التي تمثّل اختبارًا للمستشار أولاف شولتس. فقد هبطت الطلبات في شهر نوفمبر بنسبة 5.4% مقارنةً بالشهر السابق، وهي نسبة أكبر بكثير من التراجع البالغ 0.2% الذي توقّعه استطلاع أجرته بلومبرغ. وأشار مكتب الإحصاء إلى أنّ حجم الطلبات كان سيرتفع بنسبة 0.2% إذا تم استبعاد الطلبيات الضخمة.
ومنذ العام 2022، يثقل القطاع الصناعي كاهل الاقتصاد ككل، فالمشكلات الدورية تتحوّل تدريجيًا إلى تحدّيات هيكلية مثل نقص الأيدي العاملة وارتفاع تكاليف الطاقة. ويبدو أنّ الاقتصاد الألماني يتجه للانكماش للعام الثاني على التوالي في 2024، فيما يتوقع المركزي الألماني (بوندسبنك) أن يحقق الاقتصاد انتعاشًا طفيفًا بنسبة 0.2% فقط هذا العام.
صعود زوج اليورو/الدولار قد يزول قريبًا
يبدو أنّ الارتفاع الأخير في زوج اليورو/الدولار مرشّح لأن يكون مؤقتًا، إذ إنّ المشكلات التي تواجه أوروبا قد تفوق التأثير الإيجابي لتعديل التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من جانب المركزي الأوروبي (ECB). فقد خفض المتداولون توقّعاتهم بشأن وتيرة خفض الفائدة من المصرف المركزي، فسوق المقايضات (OIS) تشير الآن إلى احتمال انخفاضها إلى نحو 2% بحلول يونيو بدلًا من أبريل. وعلى الرغم من أنّ هذا التغيّر قد يمنح اليورو بعض الدعم على المدى القصير، فإنّ أي مكاسب مدفوعة بتعديلات على أسعار الفائدة وحدها قد تكون محدودة.
وقد ارتفع معدّل التضخم في منطقة اليورو في ديسمبر، ويُعزى ذلك بالأساس إلى بقاء قطاع الخدمات قويًا، غير أنّ هذه الزيادة تعود في المقام الأول إلى تأثيرات الأساس من أسعار الوقود. وعلى الرغم من أنّ بقاء التضخم مرتفعًا قد يدفع المركزي الأوروبي إلى إبطاء وتيرة خفض الفائدة، فإنّ التوقعات القاتمة للنمو في أوروبا، التي تفاقمت بسبب مصاعب الاقتصاد الصيني واحتمال نشوب نزاع تجاري مع الولايات المتحدة، تلقي بظلالها على أداء العملة الموحّدة. كما قد تسلّط البيانات الأميركية المرتقبة الضوء على الفجوة الآخذة في الاتساع بين الاقتصادين. ويشير مزيج النمو الضعيف واستمرار ضغوط الأسعار إلى مخاوف من الركود التضخمي في منطقة اليورو، الأمر الذي لا يخدم مصالح اليورو.
وتزيد حالة عدم الاستقرار السياسي في أوروبا من تعقيد الأوضاع، ما يؤكد الحاجة إلى تدخلات مالية، لا سيما في ألمانيا، لدعم اقتصاد متعثر. وعلى الرغم من تراجع اليورو مقابل الدولار، لا يزال قويًا نسبيًا بالمقارنة مع عملات الشركاء التجاريين الآخرين، ما يحدّ من قدرته على تعزيز الصادرات. وقد يرحّب صانعو السياسات بضعفٍ إضافي للعملة كأداة محتملة لتجاوز التحديات الاقتصادية.
قوة الدولار الأميركي تمهّد الطريق لعام صعب في أسواق العملات الآسيوية
تشير متانة الدولار الأميركي المستمرة إلى أنّ عملات آسيا ستواجه عامًا قاسيًا. إذ إنّ حزمة من العوامل، تشمل التباطؤ الاقتصادي في الصين والموقف الحذر الذي يتخذه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، إلى جانب تنامي حالة عدم اليقين حول التجارة والسياسات المالية الأميركية، تضع عملات المنطقة في موقف صعب، لا سيّما مع ارتفاع حدة التقلّبات في الأسواق.
وتعيد هذه الأجواء للأذهان الوضع في عهد الإدارة الأميركية السابقة، إلا أنّ المخاطر الآن أصبحت أكثر حدّة. فلا يزال الاقتصاد الصيني يعاني ضعفًا في إنفاق المستهلكين، فضلًا عن استمرار المشكلات في قطاع العقارات، مع تراجع أثر الاستثمارات الحكومية. أما إجراءات التحفيز الحكومية المحدودة فتزيد من سوداوية المشهد، ويأتي تراجع اليوان ليضاعف الضغوط على العملات الآسيوية الأخرى.
من ناحية أخرى، تبلغ أسعار الفائدة الأميركية حاليًا مستوى أعلى بكثير مقارنة بدورة التشديد النقدي في الفترة 2016–2019، عندما ارتفعت من 0.5% إلى 2.5% كحد أقصى، أي أقل بنحو 200 نقطة أساس من الحد الأعلى الحالي. ومع احتمال بقاء التضخم فوق هدف الـ2% الذي وضعه الاحتياطي الفيدرالي، يواصل صناع القرار توخي الحذر بشأن التيسير المبكر، ما يزيد العبء على عملات الأسواق الناشئة عمومًا.
وما يزيد من تفاقم الوضع هو تجدد المخاوف بشأن التوترات التجارية، لا سيّما بالنسبة إلى الاقتصادات الآسيوية الصغيرة المنفتحة على التجارة. وقد أبرزت تفاعلات السوق إزاء تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب حول الرسوم الجمركية مدى التقلّبات التي قد تتحكّم بأسواق الصرف. وفي ظل غياب بوادر دعم خارجي، يبدو أنّ عملات آسيا ستواصل أداءها الضعيف أمام الدولار الأميركي القوي.
الأرقام الأميركية المنتظرة اليوم
المؤشر |
التوقعات |
السابق |
الوظائف الجديدة في القطاع الخاص |
139 الف |
146 الف |
طلبات الإعانة بسبب البطالة |
214 الف |
211 الف |
مخزونات النفط الأميركية |
-1.8 مليون |
-1.2 مليون |
محضر اجتماع الاحتياطي الفدرالي الأميركي |
– |
– |
في جلسة التداولات الأميركية المقبلة اليوم، تنتظر الأسواق مجموعة جديدة من الأرقام الاقتصادية المهمة والخاصة بسوق العمل، التي من الممكن أن يكون لها تأثير كبير على الأسواق بحسب المفاجآت التي قد تحملها الأسواق.
التوقعات تشير الى إضافة القطاع الخاص الأميركي حوالى 139 ألف وظيفة في ديسمبر بالمقارنة مع 146 ألف وظيفة في نوفمبر من العام الماضي. وفي حال صحت التوقعات، فهذه القراءة ستكون الأضعف منذ أغسطس من العام الماضي 2024.
في المقابل، تشير التوقعات إلى ارتفاع طفيف في طلبات الإعانة الأسبوعية بسبب البطالة إلى مستويات 214 ألف بالمقارنة مع 211 ألف للقراءة السابقة. وهذه الارتفاعات قد تكون الأولى بعد ان وصلت الإعانات في الأسابيع القليلة الماضية إلى ادنى مستوى لها منذ ابريل من العام الماضي.
بقلم نور الحموري، كبير محللي الأسواق في سكويرد فاينانشيال
نور مستثمر ومحلل للأسواق مستقل ومستشار مالي، يحمل بكالوريوس في علم المالية والمصارف من جامعة عمان الأهلية وشهادة CFTe في الاقتصاد من الاتحاد العالمي للمحللين الفنيين. يتمتع نور بخبرة 15 سنة في الفوركس والأسهم والتطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تحليل سياسات المصارف المركزية والتحليل ما بين الأسواق المالية. نور يظهر بانتظام على أبرز الشبكات التلفزيونية العالمية، مثل بي بي سي (BBC) والجزيرة، والحرّة، وسي إن بي سي (CNBC) وبلومبرغ (Bloomberg)، في أحاديث وتحاليل وقراءات للأسواق وأحداثها.
رفع المسؤولية: هذا التواصل تسويقي ولا يحتوي، ولا يجب تفسيره على أنه يحتوي على: نصائح استثمارية أو توصيات استثمارية، أو عرض أو التماس لأي معاملات تتصل بالأدوات المالية. لا يُعدُّ الأداء في الماضي ضمانًا أو تنبؤًا بأي أداء مستقبلي. ولا تُعدُّ المعلومات المذكورة هنا توصيةً شخصيةً ولا تُراعي أهدافك الاستثمارية الشخصية، أو استراتيجيات الاستثمار لديك، أو وضعك المالي أو احتياجاتك المالية. لا تُقدم شركة سكويرد فاينانشيال (Squared Financial) ولا تتحمل أي مسؤولية عن دقة المعلومات الواردة أو اكتمالها، أو أي خَسارة ناتجة عن أي استثمار بناءً على توصية أو تنبؤ أو معلومات أخرى تقدمها شركة سكويرد فاينانشيال.
المعلومات الواردة في هذا الموقع غير موجَّهة لأي شخص في أي بلد أو ولاية يكون فيها ذلك النشر أو الاستخدام مخالفًا للقانون أو التنظيمات المحلية